رنات إسلامية
من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز محمد بن صالح العثيمين

من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز محمد بن صالح العثيمين

◂ تاريخ النشر : 2010/11/17
◂ مرات القراءة : 4566
◂ حجم المقالة : 73025 بايت
صوت للمقالة
أخبر صديقك
◂ التعليقات (1)

تصغير تكبير

من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز محمد بن صالح العثيمين
الوضوء : طهارة واجبة من الحدث الأصغر ، كالبول والغائط والريح والنوم العميق وأكل لحم الإبل .
مما ورد في فضله : - عن عمر - رضي الله عنه - عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : « ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء » .
وعن عثمان - رضي الله عنه - أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : « من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره » . رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : « إسباغ الوضوء على المكاره ، وإعمال الإقدام إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا » .
كيفية الوضوء :

(1/1)


1 - أن ينوي الوضوء بقلبه بدون نطق بالنية ؛ لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لم ينطق بالنية في وضوئه ولا صلاته ولا شيء من عباداته ، ولأن الله يعلم ما في القلب فلا حاجة أن يخبر عما فيه .
2 - ثم يسمي فيقول : " بسم الله" .
3 - ثم يغسل كفيه ثلاث مرات .
4 - ثم يتمضمض ويستنشق بالماء ثلاث مرات .
5 - ثم يغسل وجهه ثلاث مرات من الأذن إلى الأذن عرضا ، ومن منابت شعر الرأس إلى أسفل اللحية طولا .
6 - ثم يغسل يديه ثلاث مرات من رؤوس الأصابع إلى المرفقين ، يبدأ باليمنى ثم اليسرى .
7 - ثم يمسح رأسه مرة واحدة ، يبل يديه ثم يمرها من مقدم رأسه إلى مؤخره ثم يعود إلى مقدمه .
8 - ثم يمسح أذنيه مرة واحدة ، يدخل سبابتيه في صماخهما ويمسح بإبهاميه ظاهرهما .
9 - ثم يغسل رجليه ثلاث مرات من رءوس الأصابع إلى الكعبين ، يبدأ باليمنى ثم اليسرى .

(1/2)


الغسل
الغسل : طهارة واجبة من الحدث الأكبر كالجنابة والحيض .
كيفية الغسل :
1 - أن ينوي الغسل بقلبه بدون نطق بالنية .
2 - ثم يسمي فيقول : " بسم الله" .
3 - ثم يتوضأ وضوءا كاملا .
4 - ثم يحثو الماء على رأسه فإذا أرواه أفاض عليه ثلاث مرات .
5 - ثم يغسل سائر بدنه .

(1/3)


التيمم
التيمم : طهارة واجبة بالتراب بدلا عن الوضوء والغسل لمن لم يجد الماء أو تضرر باستعماله .
كيفية التيمم : أن ينويه عما تيمم عنه من وضوء أو غسل ، ثم يضرب الأرض أو ما يتصل بها من الجدران ويمسح وجهه وكفيه .

(1/4)


المسح على الخفين
المقصود بالخفاف ما يلبس على الرجل من جلد ونحوه . والمقصود بالجوارب : ما يلبس عليها من قطن ونحوه ، وهو ما يعرف بالشراب .
حكم المسح على الخفاف والجوارب ودليل مشروعية ذلك من الكتاب والسنة :
- المسح عليهما هو السنة التي جاءت عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فمن كان لابسا لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل .
ودليل ذلك حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - « أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، توضأ ، قال المغيرة : فأهويت لأنزع خفيه فقال : " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين » فمسح عليهما .
ومشروعية المسح على الخفين ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
أما كتاب الله ففي قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } فإن قوله تعالى { وَأَرْجُلَكُمْ } فيها قراءتان سبعيتان صحيحتان عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إحداهما : وأرجلكم عطفا على قوله : وجوهكم فتكون الرجلان مغسولتين .

(1/5)


والثانية : وأرجلكم بالجر عطفا على رؤوسكم فتكون الرجلان ممسوحتين . والذي بين أن الرجل تكون ممسوحة ومغسولة هي السنة ، فكان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلها وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما .
وأما دلالة السنة
على ذلك فالسنة متواترة في هذا عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام أحمد - رحمه الله - : ليس في قلبي من المسح شيء . فيه أربعون حديثا عن رسول لله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، ومما يذكر من النظم قول الناظم :

مما تواتر حديث من كذب ... ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ... ومسح خفين وهذي بعض

فهذا دليل مسحهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
* شروط المسح على الخفين :
* يشترط للمسح على الخفين أربعة شروط :
الشرط الأول : أن يكون لابسا لهما على طهارة .
ودليل ذلك قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، للمغيرة بن شعبة : « دعهما فإنني أدخلتهما طاهرتين » .

(1/6)


الشرط الثاني : أن يكون الخفان أو الجوارب طاهرة ، فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك « أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته ، وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذى أو قذرا » ، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ، ولأن النجس إذا مسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة فلا يصح أن يكون مطهرا .
والشرط الثالث : أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسال - رضي الله عنه - قال : « أمرنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم » . فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأصغر ، ولا يجوز المسح في الحدث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .

(1/7)


الشرط الرابع : أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعا ، وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، لما روى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : « جعل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن » ، يعني في المسح على الخفين أخرجه مسلم . وهذه المدة تبتدئ من أول مرة مسح بعد الحدث وتنتهي بأربع وعشرين ساعة بالنسبة للمقيم واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر ، فإذا قدرنا أن شخصا تطهر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلى العشاء من ليلة الأربعاء ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء ومسح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي فإن ابتداء المدة يكون من الساعة الخامسة من صباح يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس ، فلو قدر أنه مسح يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة فإن له أن يصلي الفجر ، أي فجر يوم الخميس بهذا المسح ، ويصلي ما شاء أيضا ما دام على طهارته ؛ لأن الوضوء لا ينتقض إذا تمت المدة على القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وذلك لأن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لم يوقت الطهارة وإنما وقت المسح ، فإذا تمت المدة فلا مسح ولكنه إذا كان

(1/8)


على طهارة فطهارته باقية لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي ، فإنه لا يرتفع إلا بدليل شرعي . ولا دليل على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله فهذه الشروط التي تشترط للمسح على الخفين . وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر .

(1/9)


كيف يتطهر المريض
1 - يجب على المريض أن يتطهر بالماء فيتوضأ من الحدث الأصغر ويغتسل من الحدث الأكبر .
2 - فإن كان لا يستطيع الطهارة بالماء لعجزه أو خوف زيادة المرض أو تأخر برئة فإنه يتيمم .
3 - كيفية التيمم أن يضرب الأرض الطاهرة بيديه ، ضربة واحدة يمسح بهما جميع وجهه ثم يمسح كفيه بعضا ببعض .
4 - فإن لم يستطع أن يتطهر بنفسه فإنه يوضئه أو ييممه شخص آخر .
5 - إذا كان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء ، فإن كان الغسل بالماء يؤثر عليه مسحه مسحا فيبل يده بالماء ويمررها عليه . فإن كان المسح يؤثر عليه أيضا فإنه يتيمم عنه .
6 - إذا كان في بعض أعضائه كسر مشدود عليه خرقة أو جبس فإنه يمسح عليه بالماء بدلا عن غسله ولا يحتاج للتيمم لأن المسح بدل عن الغسل .
7 - يجوز أن يتيمم على الجدار أو على شيء آخر طاهر له غبار ، فإن كان الجدار ممسوحا بشيء من غير جذب الأرض كالبوية فلا يتيمم عليه إلا أن يكون له غبار .
8 - إذا لم يمكن التيمم على الأرض أو الجدار أو شيء آخر له غبار فلا بأس أن يوضع تراب في إناء أو منديل ويتيمم منه .

(1/10)


9 - إذا تيمم لصلاة وبقى على طهارته إلى وقت الصلاة الأخرى فإنه يصليها بالتيمم الأول ولا يعيد التيمم للصلاة الثانية لأنه لم يزل على طهارته ولم يوجد ما يبطلها . وإذا تيمم عن جنابة فإنه لا يعيد التيمم عنها إلا أن يحدث له جنابة أخرى ، ولكن يتيمم في هذه المدة عن الحدث الأصغر .
10 - يجب على المريض أن يطهر بدنه من النجاسات فإن كان لا يستطيع صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه .
11 - يجب على المريض أن يصلي بثياب طاهرة ، فإن تنجست ثيابه وجب غسلها أو إبدالها بثياب طاهرة ، فإن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه .
12 - يجب على المريض أن يصلي على شيء طاهر فإن تنجس مكانه وجب غسله أو إبداله بشيء طاهر أو يفرغ عليه شيئا طاهرا ، فإن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه .
13 - لا يجوز للمريض أن يؤخر الصلاة عن وقتها من أجل العجز عن الطهارة ، بل يتطهر بقدر ما يمكنه يصلي الصلاة في وقتها ولو كان على بدنه أو ثوبه أو مكانه نجاسة يعجز عن إزالتها ، قال تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } .

(1/11)


14 - إذا كان الإنسان مصابا ببول يخرج باستمرار ، فإنه لا يتوضأ لصلاة الفريضة إلا بعد دخول وقتها ، فيغسل فرجه ثم يلف عليه شيئا طاهرا يمنع من تلوث ثيابه وبدنه ، ثم يتوضأ ويصلي ، وهكذا يفعل لكل صلاة مفروضة ، فإن شق عليه جاز أن يجمع بين الظهر والعصر ، أو بين المغرب والعشاء . أما صلاة النافلة فيفعل لها ما ذكرنا إذا أراد فعلها ، إلا أن يكون في وقت فريضة فيكفيه الوضوء للفريضة .

(1/12)


كيف يصلي المريض
1 - يجب على المريض أن يصلي الفريضة قائما ولو منحنيا أو معتمدا على جدار أو عصا يحتاج إلى الاعتماد عليه .
2 - فإن كان لا يستطيع القيام صلى جالسا ، والأفضل أن يكون متربعا في موضع القيام والركوع .
3 - فإن كان لا يستطيع الصلاة جالسا صلى على جنبه متوجها إلى القبلة ، والجنب الأيمن أفضل ، فإن لم يتمكن من التوجه إلى القبلة صلى حيث كان اتجاهه ، وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه .
4 - فإن كان لا يستطيع الصلاة على جنبه صلى مستلقيا رجلاه إلى القبلة ، والأفضل أن يرفع رأسه قليلا ليتجه إلى القبلة ، فإن لم يستطع أن تكون رجلاه إلى القبلة ، صلى حيث كانت ولا إعادة عليه .
5 - يجب على المريض أن يركع ويسجد في صلاته ، فإن لم يستطع أومأ بهما برأسه ، ويجعل السجود أخفض من الركوع فإن استطاع الركوع دون السجود ركع حال الركوع وأومأ بالسجود . وإن استطاع السجود دون الركوع سجد حال السجود وأومأ بالركوع .

(1/13)


6 - فإن كان لا يستطيع الإيماء برأسه في الركوع والسجود أشار بعينيه فيغمض قليلا للركوع ويغمض تغميضا أكثر للسجود . وأما الإشارة بالإصبع كما يفعله بعض المرضى فليس بصحيح ولا أعلم له أصلا من الكتاب والسنة ولا من أقوال أهل العلم .
7 - فإن كان لا يستطيع الإيماء بالرأس ولا الإشارة بالعين صلى بقلبه فيكبر ويقرأ وينوي الركوع والسجود والقيام والقعود بقلبه . ولكل امرئ ما نوى .
8 - يجب على المسافر أن يصلي كل صلاة في وقتها ويفعل كل ما يقدر عليه مما يجب فيها فإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ، إما جمع تقديم بحيث يقدم العصر إلى الظهر والعشاء إلى المغرب ، وإما جمع تأخير بحيث يؤخر الظهر إلى العصر والمغرب إلى العشاء حسبما يكون أيسر له . أما الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا لما بعدها .
9 - إذا كان المريض مسافرا يعالج في غير بلده فإنه يقصر الصلاة الرباعية فيصلي الظهر والعصر والعشاء على ركعتين ركعتين حتى يرجع إلى بلده ، سواء طالت مدة سفره أم قصرت .

(1/14)


* الرسالة الثانية :
الصلاة :
- فضلها وأهميتها .
- صفتها .
- سجود السهو .
- سجود التلاوة .
- حكم تارك الصلاة .
- التوبة .
بسم الله الرحمن الرحيم
لا مانع لدي من طبع هذه المواضيع الستة في الصلاة والتوبة .
كتبه محمد الصالح العثيمين في 29 / 12 / 1411 هـ .
الصلاة : هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين .

(1/15)


الصلاة : صلة بين العبد وبين ربه ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : « إن أحدكم إذا صلى يناجي ربه » (1) ، وقال الله تعالى في الحديث القدسي : « قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى : حمدني عبدي . وإذا قال : الرحمن الرحيم قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مالك يوم الدين قال : مجدني عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل » . (2) الصلاة : روضة عبادات فيها من كل زوج بهيج تكبير ويفتتح به الصلاة وقيام يتلو فيه المصلي كلام الله ، وركوع يعظم فيه الرب ، وقيام من الركوع يملؤه بالثناء على الله ، وسجود يسبح الله تعالى فيه بعلوه ويبتهل إليه بالدعاء ، وقعود للدعاء والتشهد ، وختام بالتسليم .
_________
(1) رواه البخاري .
(2) رواه مسلم .

(1/16)


الصلاة : عون في المهمات ونهي عن الفحشاء والمنكرات ، قال الله تعالى : { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } ، وقال تعالى : { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } .
الصلاة : نور المؤمنين في قلوبهم ومحشرهم ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : « الصلاة نور » (1) ، وقال : « من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة » (2) .
الصلاة : سرور نفوس المؤمنين وقرة أعينهم ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : « جعلت قرة عيني في الصلاة » (3) .
الصلاة : تمحى بها الخطايا وتكفر بها السيئات قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : « أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه (وسخه) شيء ؟ قالوا : لا يبقى من درنه شيء ، قال : فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا » (4) ، وقال ، صلى الله عليه وسلم : « الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر » (5) .
_________
(1) رواه مسلم .
(2) أحمد وابن حبان والطبراني .
(3) أحمد والنسائي .
(4) البخاري ومسلم .
(5) مسلم .

(1/17)


صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ، رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (1) ، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : « من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيت ينادي بهن ، فإن الله تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف » (2) .
_________
(1) البخاري ومسلم .
(2) مسلم .

(1/18)


الخشوع في الصلاة : ( وهو حضور القلب ) والمحافظة عليها من أسباب دخول الجنات قال الله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ }{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ }{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ }{ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ }{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ }{ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ }{ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ }{ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ }{ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ }{ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ }{ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .
الإخلاص لله تعالى في الصلاة وأداؤها كما جاءت به السنة ، هما الشرطان الأساسيان لقبولها ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى » (1) ، وقال : « صلوا كما رأيتموني أصلي » (2) .
الصلاة
الصلاة : عبادة ذات أقوال وأفعال ، أولها التكبير وآخرها التسليم .
_________
(1) البخاري ومسلم .
(2) البخاري .

(1/19)


وإذا أراد الصلاة فإنه يجب عليه أن يتوضأ إن كان عليه حدث أصغر ، أو يغتسل إن كان عليه حدث أكبر ، أو يتيمم إن لم يجد الماء أو تضرر باستعماله وينظف بدنه وثوبه ومكان صلاته من النجاسة .

(1/20)


كيفية الصلاة
ا - أن يستقبل القبلة بجميع بدنه بدون انحراف ولا التفات .
2 - ثم ينوي الصلاة التي يريد أن يصليها بقلبه بدون نطق بالنية .
3 - ثم يكبر تكبيرة الإحرام فيقول : " الله أكبر" ، ويرفع يديه إلى حذو منكبيه عند التكبير .
4 - ثم يضع كف يده اليمنى على ظهر كف يده اليسرى فوق صدره .
5 - ثم يستفتح فيقول : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" .
أو يقول : " سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك" .
6 - ثم يتعوذ فيقول : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" .
7 - ثم يبسمل ويقرأ الفاتحة فيقول : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }{ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } . ثم يقول : " آمين" يعني اللهم استجب .

(1/21)


8 - ثم يقرأ ما تيسر من القرآن ، ويطيل القراءة في صلاة الصبح .
9 - ثم يركع أي يحني ظهره تعظيما لله ويكبر عند ركوعه وبرفع يديه إلى حذو منكبيه . والسنة أن يهصر ظهره ويجعل رأسه حياله ويضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع .
10 - ويقول في ركوعه : " سبحان ربي العظيم ، ثلاث مرات " ، وإن زاد " سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي " فحسن .
11 - ثم يرفع رأسه من الركوع قائلا : " سمع الله لمن حمده " ، ويرفع يديه حينئذ إلى حذو منكبيه .
والمأموم لا يقول : سمع الله لمن حمده ، وإنما يقول : بدلها : " ربنا ولك الحمد " .
12 - ثم يقول بعد رفعه : " ربنا ولك الحمد . ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد " .
13 - ثم يسجد خشوعا لله السجدة الأولى . ويقول عند سجوده : " الله أكبر " ويسجد على أعضائه السبعة ، الجبهة مع الأنف ، والكفين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، ولا يبسط ذراعيه على الأرض ، ويستقبل برؤوس أصابعه القبلة .
14 - ويقول في سجوده : " سبحان ربي الأعلى " ثلاث مرات ، وإن زاد " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " فحسن .
15 - ثم يرفع رأسه من السجود قائلا : " الله أكبر " .

(1/22)


16 - ثم يجلس بين السجدتين على قدمه اليسرى ، وينصب قدمه اليمنى ، ويضع يده اليمنى على طرف فخذه الأيمن مما يلي ركبته ، ويقبض منها الخنصر والبنصر ، ويرفع السبابة ويحركها عند دعائه ، ويجعل طرف الإبهام مقرونا بطرف الوسطى كالحلقة ، ويضع يده اليسرى مبسوطة الأصابع على طرف فخذه الأيسر مما يلي الركبة .
17 - ويقول في جلوسه بين السجدتين : " رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني وعافني " .
18 - ثم يسجد خشوعا منه السجدة الثانية كالأولى فيما يقال ويفعل ، ويكبر عند سجوده .
19 - ثم يقوم من السجدة الثانية قائلا : " الله أكبر " ويصلى الركعة الثانية كالأولى فيما يقال ويفعل إلا أنه لا يستفتح فيها .
20 - ثم يجلس بعد انتهاء الركعة الثانية قائلا : " الله أكبر " ويجلس كما جلس بين السجدتين سواء .

(1/23)


21 - ويقرأ التشهد في هذا الجلوس فيقول : " التحيات لله والصلوات والطيبات . السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . أعوذ بالله من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " . ثم يدعو ربه بما أحب من خيري الدنيا والآخرة .
22 - ثم يسلم عن يمينه قائلا : " السلام عليكم ورحمة الله " وعن يساره كذلك .
23 - وإذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية وقف عند منتهى التشهد الأول وهو : " أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " .
24 - ثم ينهض قائما قائلا : " الله أكبر " ويرفع يديه إلى حذو منكبيه حينئذ .
25 - ثم يصلي ما بقي من صلاته على صفة الركعة الثانية ، إلا أنه يقتصر على قراءة الفاتحة .

(1/24)


26 - ثم يجلس متوركا فينصب قدمه اليمنى ويخرج قدمه اليسرى من تحت ساق اليمنى ، ويمكن مقعدته من الأرض ، ويضع يديه على فخذيه على صفة وضعهما في التشهد الأول .
27 - ويقرأ في هذا الجلوس التشهد كله .
28 - ثم يسلم عن يمينه قائلا : " السلام عليكم ورحمة الله " وعن يساره كذلك .
أشياء مكروهة في الصلاة
1 - يكره في الصلاة الالتفات بالرأس أو بالبصر فأما رفع البصر ، إلى السماء فحرام .
2 - ويكره في الصلاة العبث والحركة لغير حاجة .
3 - ويكره في الصلاة استصحاب ما يشغل كالشيء الثقيل والملون بما يلفت النظر .
4 - ويكره في الصلاة التخصر ، وهو وضع اليد على الخاصرة .
أشياء مبطلة للصلاة
1 - تبطل الصلاة بالكلام عمدا وإن كان يسيرا .
2 - وتبطل الصلاة بالانحراف ، عن القبلة بجميع البدن .
3 - وتبطل الصلاة بخروج الريح من دبره ، وبجميع ما يوجب الوضوء أو الغسل .
4 - وتبطل الصلاة بالحركات الكثيرة المتوالية لغير ضرورة .
5 - وتبطل الصلاة بالضحك وإن كان يسيرا .
6 - وتبطل الصلاة إذا زاد فيها ركوعا أو سجودا أو قياما أو قعودا متعمدا ذلك .
7 - وتبطل الصلاة بمسابقة الإمام عمدا .

(1/25)


أحكام سجود السهو
لسجود السهو ثلاثة أسباب :
الزيادة .
والنقص .
والشك .
الزيادة : مثل أن يزيد الإنسان في صلاته ركوعا فيركع في الركعة الواحدة ركوعين ، أو سجودا فيسجد ثلاث مرات أو قياما ، فيقوم للركعة الخامسة مثلا في الرباعية ثم يذكر فيرجع ، فإذا كان سجود السهو من أجل هذا فإنه يكون بعد السلام ، بمعنى أنك تستشهد وتسلم ثم تسجد سجدتين وتسلم ، هكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام حين صلى خمسا فذكروه بعد السلام فسجد بعد السلام .
ولا يقال : إن النبي عليه الصلاة والسلام سجد بعد السلام هنا ضرورة أنه لم يعلم إلا بعد السلام . هو كذلك ، لكننا نقول : لو كان الحكم يختلف عما فعل لقال لهم عليه الصلاة والسلام : إذا علمتم بالزيادة قبل أن تسلموا فاسجدوا لها قبل السلام ، فلما أقر الأمر على ما كان عليه ، علم أن سجود السهو للزيادة يكون بعد السلام .

(1/26)


ويدل لذلك أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لما سلم من ركعتين من صلاة الظهر أو العصر ثم ذكروه أتم صلاته ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم ، وذلك لأن السلام في أثناء الصلاة زيادة فسجد النبي عليه الصلاة والسلام لها بعد السلام ، وكما أن هذا مقتضى الأثر فإنه مقتضى النظر أيضا فإنه إذا زاد في الصلاة وقلنا يسجد للسهو قبل أن يسلم صار في الصلاة زيادتان ، وإذا قلنا إنه يسجد بعد السلام صار فيها زيادة واحدة وقعت سهوا .
النقص : وهذا سجوده قبل السلام مثل أن يقوم عن التشهد الأول ناسيا ، أو أن ينسى أن يقول سبحان ربي الأعلى في السجود ، أو أن ينسى أن يقول سبحان ربي العظيم في الركوع فهذا يسجد قبل أن يسلم ؛ لأن الصلاة الآن نقصت لترك هذا الواجب ، فكان مقتضى الحكمة أن يسجد للسهو قبل أن يسلم ليجبر النقص قبل أن يفارق الصلاة .
وقد دل لذلك حديث عبد الله بن بحينة « أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلى بهم الظهر فقام من الركعتين ولم يجلس ، فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر صلى الله عليه وسلم وهو جالس فسجد سجدتين ثم سلم » .
الشك : الشك في الزيادة أو النقص ، شك هل صلى أربعا أو ثلاثا فهذا له حالان :

(1/27)


الحالة الأولى : أن يغلب على ظنه أحد الأمرين إما الزيادة أو النقص فيبني على غالب ظنه ويسجد للسهو بعد السلام كما في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - : « إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين » . . هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام أو معناه .
الحالة الثانية : إذا شك في الزيادة أو النقص بدون أن يترجح عنده أحد الطرفين فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ، ثم يتم عليه ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، هكذا ، جاءت السنة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم .
ومن مبطلات الصلاة أيضا الصلاة بالثياب التي تصف البشرة كما في إجابة السؤال التالي :
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أرجو الإجابة على هذا السؤال : -
كثير من الناس يصلون بثياب خفيفة تصف البشرة ويلبسون تحت هذه الثياب سراويل قصيرة لا تتجاوز منتصف الفخذ فيشاهد منتصف الفخذ من وراء الثوب ، فما حكم صلاة هؤلاء ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

(1/28)


حكم صلاة هؤلاء حكم من صلى بغير ثوب سوى السراويل القصيرة لأن الثياب الشفافة التي تصف البشرة غير ساترة ووجودها كعدمها وبناء على ذلك فإن صلاتهم غير صحيحة على أصح قولي العلماء وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد - رحمه الله - ، وذلك لأنه يجب على المصلي من الرجال أن يستر ما بن السرة والركبة ، وهذا أدنى ما يحصل به امتثال قول الله عز وجل : { يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } ، فالواجب عليهم أحد أمرين : إما أن يلبسوا سراويل تستر ما بين السرة والركبة وإما أن يلبسوا فوق هذه السراويل القصيرة ثوبا ضيقا لا يصف البشرة . وهذا الفعل الذي ذكر في السؤال خطأ وخطير ، فعليهم أن يتوبوا إلى الله تعالى منه وأن يحرصوا على إكمال ستر ما يجب ستره في صلاتهم . نسأل الله تعالى لنا ولإخواننا المسلمين الهداية والتوفيق لما يحبه ويرضاه . إنه جواد كريم .
محمد الصالح العثيمين في 5 رمضان سنة 1408هـ .
كتبه محمد الصالح العثيمين في 5 رمضان عام 1408 هـ .
ملخص أحكام سجود السهو

(1/29)


موضع السجود حالتها المسألة يسجد بعد السلام للسهو سجدتين ويسلم مرة ثانية إذا ذكر بعد مضي زمن طويل أستأنف الصلاة من جديد . وإن ذكر بعد زمن قليل كخمس دقائق فإنه يكمل صلاته ويسلم منها :

(1/30)


1 - في السلام قبل تمام الصلاة : إذا سلم المصلي قبل تمام الصلاة ناسيا يسجد للسهو بعد السلام ويسلم مرة ثانية إن ذكر بعد الفراغ من الزيادة فليس عليه إلا السجود للسهو ، وإن ذكر في أثناء الزيادة وجب عليه الرجوع عن الزيادة . 2 - في الزيادة في الصلاة : إذا زاد المصلي في صلاته قياما أو ركوعا أو سجودا في كلتا الحالتين يجب عليه سجود السهو ومحله بعد السلام فإن وصل إلى مكانه من الركعة التي تليها لغت الركعة التي تركه منها وقامت التي تليها مقامها . وأن لم يصل إلى مكانه من الركعة التي تليها وجب عليه الرجوع إلى محل الركن المتروك وأتى به وبما بعده . 3 - في ترك الأركان : إذا ترك ركنا من أركان الصلاة غير تكبيرة الإحرام ناسيا موضع السجود حالتها المسألة يسجد للسهو بعد السلام في الحالة الأولى . يسجد للسهو قبل السلام في الحالة الثانية . الحالة الأولى : أن يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بالراجح ويتم عليه صلاته ثم يسلم . الحالة الثانية : أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ثم يتم عليه . 4 - في الشك في الصلاة : إذا شك في عدد الركعات هل صلى ركعتين أو ثلاثا فلا يخلوا من حالتين . يسجد للسهو

(1/31)


قبل السلام . 1 - إن لم يذكر إلا بعد أن استتم قائما فإنه يستمر في صلاته ولا يرجع للتشهد . 2 - إن ذكر بعد نهوضه وقبل أن يستتم قائما فإنه يرجع ويجلس ويتشهد ويكمل صلاته . 3 - إن ذكر قبل أن ينهض فخذيه عن ساقيه فإنه يستقر جالسا ويتشهد ثم يكمل صلاته ولا يسجد للسهو لأنه لم يحصل منه زيادة ولا نقص . 4 - في ترك التشهد الأول ناسيا وحكم الواجبات حكم التشهد الأول . 1 - إذا سلم المصلي قبل تمام الصلاة متعمدا بطلت صلاته .
2 - إذا زاد المصلي في صلاته قياما أو قعودا أو ركوعا أو سجودا متعمدا بطلت صلاته .
3 - إذا ترك ركنا من أركان الصلاة : فإن كان تكبيرة الإحرام فلا صلاة له سواء تركها عمدا أو سهوا لأن صلاته لم تنعقد . وإن كان الركن المتروك غير تكبيرة الإحرام فتركه عمدا بطلت صلاته .
4 - إذا ترك واجبا من واجبات الصلاة متعمدا بطلت صلاته .
5 - إذا كان سجود السهو بعد السلام فلابد من التسليم مرة ثانية بعده .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الورقة في سجود السهو اطلعت عليها فوجدتها صحيحة ، قال ذلك
كاتبه محمد الصالح العثيمين في 11 / 6 / 1410

(1/32)


سجود التلاوة
سجود التلاوة سببه أن يمر الإنسان بآية فيها سجدة . والسجدات في القرآن الكريم معلومة ، ومعلم عليها في هامش المصاحف ، فإذا مر الإنسان بسجدة فإنه يتأكد في حقه أن يسجد لله عز وجل ، بل قال بعض العلماء : إن سجود التلاوة واجب . لكن الصحيح ليس بواجب ، ولأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب ذات يوم في جمعة ، فقرأ آية السجدة في سورة النحل فسجد ، ثم قرأها في جمعة أخرى ولم يسجد ثم قال - رضي الله عنه - : " إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء ، والاستثناء هنا منقطع ، أي أن معنى قوله إلا أن نشاء . لكن إن شئنا سجدنا " . وليس معنى " إلا أن نشاء " فرضا يفرضه علينا لأن الفرائض لا تعلق بالمشيئة . وقد فعل ذلك عمر - رضي الله عنه - بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد مع حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على إنكار ما يكون منكرا ، فإقرار الصحابة في إقرار هذا المجمع العظيم من أمر صدر من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يدل على أن سجود التلاوة ليس بواجب وهو الصحيح ، وسواء كان الإنسان في صلاة أو في غير صلاة .
كيفية سجود التلاوة :

(1/33)


أما كيفيته أن يكبر الإنسان ويسجد كسجود الصلاة على الأعضاء السبعة ويقول : " سبحان ربي الأعلى " " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " ويدعو بالدعاء المشهور : " اللهم لك سجدت وبك آمنت وعليك توكلت . سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره ، بحوله وقوته . اللهم اكتب لي بها أجرا ، وارفع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا ، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود " .
ثم يقوم بلا تكبير ولا تسليم .
أما إذا سجد في الصلاة فإنه يكبر إذا سجد ويكبر إذا رفع ، لأن جميع الواصفين لصلاة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، في تكبيره ، يذكرون أنه يكبر . كلما رفع وكلما خفض . فإن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، كان يسجد للتلاوة في الصلاة كما صح ذلك من حديث أبي هريرة « أنه قرأ ، صلى الله عليه وسلم ، في صلاة العشاء : { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } فسجد فيها » .

(1/34)


والذين يصفون صلاة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في التكبير لا يستثنون من هذا سجود التلاوة ، فدل هذا على أن سجود التلاوة في الصلاة . كسجود صلب الصلاة ؛ لأنه يكبر إذا سجد وإذا رفع ، ولا فرق أن يكون السجدة في آخر آية قرأها أو في أثناء قراءته . فإنه يكبر إذا سجد ويكبر إذا رفع ثم يكبر للركوع عند ركوعه ولا يضر توالى التكبيرتين باختلاف سببيهما .
وما يفعله بعض الناس إذا قرأ السجدة في الصلاة فسجد كبر للسجود دون الرفع منه ، فإنني لا أعلم له أصلا ، والخلاف الوارد في التكبير عند الرفع من سجود التلاوة إنما هو في السجود المجرد الذي يكون خارج الصلاة أما إذا كان السجود في إثناء الصلاة فإنه يعطى حكم السجود صلب الصلاة ، أي يكبر إذا سجد ويكبر إذا قام من السجود .

(1/35)


حكم تارك الصلاة
السؤال : ماذا يفعل الرجل إذا أمر أهله بالصلاة ولكنهم لم يستمعوا إليه ، هل يسكن معهم ويخالطهم أم يخرج من البيت ؟
الجواب : إذا كان هؤلاء الأهل لا يصلون أبدا فإنهم كفار ، مرتدون ، خارجون عن الإسلام ، ولا يجوز أن يسكن معهم ، ولكن يجب عليه أن يدعوهم ويلح ويكرر لعل الله أن يهديهم لأن تارك الصلاة كافر - والعياذ بالله - بدليل الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والنظر الصحيح .
أما من القرآن فقوله تعالى عن المشركين : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } ، مفهوم الآية أنهم إذا لم يفعلوا ذلك فليسوا إخوانا لنا - ولا تنتفي الأخوة الدينية بالمعاصي وإن عظمت ، ولكنها تنتفي بالخروج عن الإسلام - . أما من السنة فقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : « بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة » . أخرجه مسلم . وقوله في حديث بريدة - رضي الله عنه - في السنن : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » .

(1/36)


أما أقوال الصحابة : فقال أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - : " لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " - والحظ : النصيب وهو هنا نكرة في سياق النفي فيكون عاما لا نصيب لا قليل ولا كثير - وقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة .
أما من جهة النظر الصحيح فيقال : هل يعقل أن رجلا في قلبه حبة خردل من إيمان يعرف عظمة الصلاة وعناية الله بها ثم يحافظ على تركها ؟ هذا شيء لا يمكن وقد تأملت الأدلة التي استدل بها من يقول أنه لا يكفر فوجدتها لا تخرج عن أحوال خمسة :
1 - إما أنها لا دليل فيها أصلا .
2 - أو أنها قيدت بوصف يمتنع معه ترك الصلاة .
3 - أو أنها قيدت بحال يعذر فيها بترك هذه الصلاة .
4 - أو أنها عامة فتخصص بأحاديث كفر تارك الصلاة .
5 - أو أنها ضعيفة لا تقاوم الأحاديث الصحيحة .
وليس من النصوص أن تارك الصلاة مؤمن أو أنه يدخل الجنة أو ينجو من النار ونحو ذلك مما يحوجنا إلى تأويل الكفر الذي حكم به على تارك الصلاة بأنه كفر نعمة أو كفر دون كفر . وإذا تبين أن تارك الصلاة كافر كفر ردة فإنه يترتب على كفره أحكام المرتدين ومنها : -

(1/37)


أولا : أنه لا يصح أن يزوج ، فإن عقد له وهو لا يصلي فالنكاح باطل ولا تحل له الزوجة به لقوله تعالى عن المهاجرات : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } الممتحنة .
ثانيا : أنه إذا ترك الصلاة بعد أن عقد له فإن نكاحه ينفسخ ولا تحل له الزوجة ؛ للآية التي ذكرناها سابقا على حسب التفصيل المعروف عند أهل العلم بين أن يكون ذلك قبل الدخول أو بعده .
ثالثا : أن هذا الرجل الذي لا يصلي إذا ذبح لا تؤكل ذبيحته ، لماذا ؟؟ لأنها حرام ، ولو ذبح يهودي أو نصراني فذبيحته يحل لنا أن نأكلها ، فيكون - والعياذ بالله - ذبحه أخبث من ذبح اليهود والنصارى .
رابعا : أنه لا يحل له أن يدخل مكة أو حدود حرمها لقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } .

(1/38)


خامسا : أنه لو مات أحد من أقاربه فلا حق له في الميراث منه ، فلو مات رجل عن ابن له لا يصلي ( الرجل مسلم يصلي والابن لا يصلي ) وعن ابن عم له بعيد ( عاصب ) فمن الذي يرثه ؟؟ ابن عمه البعيد دون ابنه لقوله ، صلى الله عليه وسلم ، في حديث أسامة : « لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم » متفق عليه ، ولقوله ، صلى الله عليه وسلم : « الحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر » متفق عليه ، وهذا مثال ينطبق على جميع الورثة .
سادسا : أنه إذا مات لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ولا يدفن مع المسلمين ، إذا ماذا نصنع به ؟؟ نخرج به إلى الصحراء ونحفر له وندفنه بثيابه لأنه لا حرمة له ، وعلى هذا فلا يحل لأحد مات عنده ميت وهو يعلم أنه لا يصلي أن يقدمه للمسلمين يصلون عليه .

(1/39)


سابعا : أنه يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي ابن خلف ، أئمة الكفر - والعياذ بالله - ولا يدخل الجنة ولا يحل لأحد من أهله أن يدعو له بالرحمة والمغفرة ، لأنه كافر لا يستحقها لقوله تعالى : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } .
فالمسألة يا إخواني خطيرة جدا . . ومع الأسف فإن بعض الناس يتهاونون في هذا الأمر ، ويقرون في البيت من لا يصلي وهذا لا يجوز . . والله أعلم . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
محمد بن صالح بن عثيمين
بسم الله الرحمن الرحيم ، لقد أذنت بطبع هذه الإجابة عن حكم تارك الصلاة ومخالطته . كتبه محمد الصالح العثيمين في 6 / 2 / 1410 هـ .

(1/40)


التوبة
التوبة : هي الرجوع من معصية الله تعالى إلى طاعته .
التوبة : محبوبة إلى الله عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } .
التوبة : واجبة على كل مؤمن : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا } .
التوبة : من أسباب الفلاح : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . والفلاح : أن يحصل للإنسان مطلوبه وينجو من مرهوبه .
التوبة النصوح : يغفر الله بها الذنوب كما عظمت ومهما كثرت : { قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } . لا تقنط يا أخي المذنب من رحمة ربك ، فباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها .
قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : « إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها » رواه مسلم .

(1/41)


وكم من تائب عن ذنوب كثيرة عظيمة تاب الله عليه قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا }{ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا }{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } .
التوبة النصوح هي التي اجتمع فيها خمسة شروط :
الأول : الإخلاص لله تعالى بأن يقصد بها وجه الله تعالى وثوابه والنجاة من عذابه .
الثاني : الندم على فعل المعصية بحيث يحزن على فعلها ويتمنى أنه لم يفعلها .
الثالث : الإقلاع عن المعصية فورا فإن كانت في حق الله تعالى تركها إن كانت فعلا محرما وبادر بفعلها إن كانت ترك واجب . وإن كانت في حق مخلوق بادر بالتخلص منها ، إما بردها إليه أو طلب السماح له وتحليله منها .
الرابع : العزم على أن لا يعود إلى تلك المعصية في المستقبل .

(1/42)


الخامس : أن لا تكون التوبة قبل فوات قبولها إما بحضور الأجل ، أو بطلوع الشمس من مغربها قال الله تعالى : { وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه » . رواه مسلم .
اللهم وفقنا للتوبة النصوح وتقبل منا . إنك أنت السميع العليم .
كتبه محمد الصالح العثيمين في 17 / 4 / 1406هـ .
كتبه محمد الصالح العثيمين
في 17 / 4 / 1406هـ

(1/43)


* الرسالة الثالثة :
الجنائز :
- أحكام تغسيل الميت .
- كيفية تغسيله .
- كيفية تكفينه .
- كيفية الصلاة عليه .
- كيفية دفنه .
بسم الله الرحمن الرحيم ، لا مانع لدي من طبع هذه الرسالة في كيفية تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه . كتبه محمد الصالح العثيمين في 29 / 12 / 1411 هـ .
أحكام تغسيل الميت
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وأمام المتقين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما .
أما بعد : فهذه نبذة تتعلق بتغسيل الميت وتكفينه ودفنه . وقبل أن نشرع في المقصود نقدم هذه الفقرات : -
1- غسل الميت المسلم وتكفينه ودفنه فرض كفاية ، فينبغي لمن قام بذلك أن ينوي أنه مؤد هذه الفريضة لينال أجرها وثوابها من الله تعالى . أما الكافر فلا يجوز تغسيله ولا تكفينه ولا دفنه مع المسلمين .
2 - الغاسل : مؤتمن على الميت فيجب عليه أن يفعل ما يلزم في تغسيله وغيره .
3- الغاسل : مؤتمن على الميت فيجب عليه أن يستر ما رآه فيه من مكروه .

(1/44)


4- الغاسل : مؤتمن على الميت فلا ينبغي أن يمكن أحدا من الحضور عنده إلا من يحتاج إليه لمساعدته في تقليب الميت وصب الماء ونحوه .
5- الغاسل : مؤتمن على الميت فينبغي أن يستعمل الرفق به والاحترام وأن لا يكون عنيفا أو حاقدا عليه عند خلع ثيابه وتغسيله وغير ذلك .
6 - لا يغسل الرجل المرأة إلا أن تكون زوجته ولا المرأة للرجل إلا أن يكون زوجها إلا من دون سبع سنين فيغسله الرجل والمرأة سواء كان ذكرا أم أنثى .
7 - يستحب للغاسل إذا فرغ أن يغتسل كما يغتسل للجنابة فإن لم يغتسل فلا حرج عليه .

(1/45)


كيفية تغسيل الميت
الواجب في تغسيل الميت أن يغسل جميع جسده بالماء حتى ينقى ، والأفضل أن يعمل ما يلي : -
1 - يضع الميت على الشيء الذي يريد أن يغسله عليه منحدرا نحو رجليه .
2 - يلف خرقة على عورة الميت من السرة إلى الركبة قبل أن يخلع ثيابه لئلا يرى عورته بعد الخلع .
3 - يخلع ثياب الميت برفق .
4 - يلف الغاسل على يده خرقة ليغسل عورة الميت من غير كشف حتى ينقيها ثم يلقى الخرقة .
5 - يبل خرقة بماء فينظف بها أسنان الميت ومناخره .
6 - يغسل وجه الميت ويديه إلى المرفقين ورأسه ورجليه إلى الكعبين ، يبدأ باليد اليمنى قبل اليسرى وبالرجل اليمنى قبل اليسرى .
7 - لا يدخل الماء في فم الميت ولا أنفه اكتفاء بتنظيفهما بالخرقة .
8 - يغسل جسده كله ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك حسب حاجة الجسم إلى التنظيف والتنقية ، يبدأ بالجانب الأيمن من الجسم قبل الأيسر .
9 - الأفضل أن يخلط الماء الذي يغسله به بسدر ؛ لأنه أبلغ في الإنقاء ، فيضرب الماء المخلوط بالسدر بيده حتى تظهر رغوته فيغسل بالرغوة رأسه ولحيته وبالباقي بقية الجسم .
10 - الأفضل أن يخلط بالغسلة الأخيرة كافورا ( وهو نوع معروف من الطيب ) .

(1/46)


11 - إذا كان للميت شعر فإنه يسرح ولا يلبد ولا يقص شيء منه .
12 - إذا كان الميت امرأة نقض شعرها إن كان مجدولا فإذا غسل ونقي جدل ثلاث جدائل . وجعلن خلف ظهرها .
13 - إذا كانت بعض أعضاء الميت منفصلة فإنها تغسل وتضم إليه .
14 - إذا كان الميت متفسخا بحروق أو غيرها ولا يمكن تغسيله فإنه ييمم عند كثير من أهل العلم . فيضرب الميمم بيديه بالأرض ويمسح بهما وجه الميت وكفيه .

(1/47)


كيفية تكفين الميت
الواجب في تكفين الميت خرقة تغطي جميع بدنه ، لكن الأفضل كما يلي :
1 - يكون التكفين في ثلاث خرق بيض يوضع بعضها فوق بعض ، ثم يوضع الميت عليها ثم يرد طرف العليا من جانب الميت الأيمن على صدره ثم طرفها من جانبه الأيسر . ثم يفعل باللفافة الثانية ثم الثالثة كذلك . ثم يرد طرف اللفائف من عند رأسه ورجليه ويعقدها .
2 - تبخر الأكفان بالبخور ويذر بينها شيء من الحنوط ( والحنوط أخلاط من الطيب يصنع للموتى ) .
3 - يجعل من الحنوط على وجه الميت ومغابنه ومواضع سجوده .
4 - يوضع شيء من الحنوط في قطن فوق عينيه ومنخريه وشفتيه .
5 - يوضع شيء من الحنوط في قطن بين أليتيه ويشد بخرقه .
6 - تكفن المرأة في خمس قطع : إزار وخمار وقميص ولفافتين . وإن كفنت كما يكفن الرجل فلا حرج في ذلك .
7 - تحل عقد الكفن عند وضع الميت في قبره .

(1/48)


كيفية الصلاة على الميت
1 - يصلى على الميت المسلم صغيرا كان أم كبيرا ذكرا أم أنثى .
2 - يصلى على الحمل إذا سقط وقد بلغ أربعة أشهر ويفعل به كما يفعل بالكبير فيغسل ويكفن قبل الصلاة عليه .
3 - لا يصلى على الحمل إذا سقط فبل تمام أربعة أشهر لأنه لم تنفخ فيه الروح ، ولا يغسل ولا يكفن وإنما يدفن في أي مكان .
4 - يقف الإمام في الصلاة على الميت عند رأس الرجل ووسط المرأة ويصلي الناس وراءه .
5 - يكبر في الصلاة على الميت أربع تكبيرات يقرأ في التكبيرة الأولى بعد التعوذ والبسملة سورة الفاتحة ويصلى على النبي ، صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية فيقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
ويدعو للميت بعد التكبيرة الثالثة والأفضل أن يدعو بما ورد عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في ذلك وإن لم يعرفه دعا بما يعرف . ويقف بعد الرابعة قليلا ثم يسلم ، وإن قال قبل السلام : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار فلا بأس بذلك .

(1/49)


كيفية دفن الميت
1 - الواجب أن يدفن الميت في قبر يمنعه من السباع متوجها إلى القبلة وكلما عمق فهو أفضل .
2 - الأفضل أن يكون القبر لحدا ، وذلك بأن يحفر للميت حفرة في عمق القبر مما يلي القبلة .
3 - يجوز أن يكون القبر شقا وذلك بأن يحفر للميت حفرة في عمق القبر في وسطه إذا دعت الحاجة لذلك بأن تكون الأرض رخوة .
4 - يوضع الميت في قبره على جنبه الأيمن متوجها إلى القبلة .
5 - ينصب عليه اللبن نصبا ، ويشد ما بينها بالطين المثرى لئلا ينهال التراب على الميت .
6 - يدفن القبر بعد ذلك ولا يرفع ولا يشيد بجص أو غيره .
7 - لا يجوز الدفن في ثلاثة أوقات : إذا طلعت الشمس حتى ترتفع قدر رمح ، وإذا وقفت عند الزوال حتى تزول . وإذا بقي عليها مقدار رمح عند الغروب حتى تغرب . ومقدار الوقتين الأول والأخير نحو ربع ساعة ومقدار الثاني نحو سبع دقائق .
8 - لا يدفن الكافر في مقابر المسلمين كما لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ، وإنما يدفن في مكان غير مملوك لأحد إلا أن ينقل إلى بلاده .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين .

(1/50)





الكتاب : من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز
المؤلف : محمد بن صالح العثيمين
الطبعة : الأولى
الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية
تاريخ النشر : 1420هـ
عدد الصفحات : 68
عدد الأجزاء : 1
مصدر الكتاب : موقع الإسلام
http://www.al-islam.com
[ ضمن مجموعة كتب من موقع الإسلام ، ترقيمها غير مطابق للمطبوع ، وغالبها مذيلة بالحواشي ]

والله اعلم.
الكلمات المفتاحية :
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
من متواجد الآن
27 متواجد (6 في معلومات وبحوث)

عضو: 0
زائر: 27

المزيد
x