رنات إسلامية
عالم الحشرات

عالم الحشرات

◂ تاريخ النشر : 2010/10/27
◂ مرات القراءة : 5159
◂ حجم المقالة : 9320 بايت
صوت للمقالة
أخبر صديقك
◂ التعليقات (0)

تصغير تكبير

عالم الحشرات
يُعتقد أن الحشرات قد ظهرت على كوكب الأرض منذ ما لا يقل عن 400 مليون سنة. ولقد كافحت الحشرات عبر تلك الحقب الزمنية الطويلة ـ تقريبًا ـ دون توقف، من أجل البقاء. وقد تميزت عبر ذلك الزمان بالكثير من الأشكال الجسميّة وطرق الحياة المتباينة، فلقد كيفت نفسها للعيش تحت كلّ ظروف الحياة تقريبًا.
وتحقق لها النجاح الباهر في كفاحها من أجل البقاء، حتى أنّه غالبًا ما يقال عنها: إنها الوحيدة من بين الكائنات الحيّة الأخرى التي تنافس الإنسان في التحكم في كوكب الأرض.

ويوجد الآن من أنواع الحشرات أربعة أضعاف بقية أنواع الحيوانات الأخرى مجتمعة. أما من ناحية العدد الكلي للحشرات فإنه عدد مذهل، حيث يقدّر العلماء أن متوسط عدد الحشرات في مساحة 2,6 كم² من الأرض، يعادل عدد كلّ البشر على كوكب الأرض.

وقد صنّف علماء الحشرات نحو مليون نوعٍ من الحشرات في مجموعات رئيسية تسمّى رتبًا، وذلك تبعًا لخواص الجسم العامة والخواص الأخرى. فمثلاً كلّ الفراشات والعثّات تكوّن رتبة قشرية الأجنحة، وكل الخنافس تكوّن رتبة غمدية الأجنحة.

تنوع الحشرات. يحتوي عالم الحشرات على أكثر الحيوانات جمالاً وروعة في العالم. ونادرًا مانجد فروعًا أخرى من المملكة الحيوانية لها ما لدى الحشرات من تنوّع متميّز في الحجم واللّون والشكل.

وطول معظم الحشرات أقل من ستة مليمترات وأصغرها الخنافس القزمة شعرية الأجنحة، إذ يبلغ طولها ربع المليمتر؛ أي أنها يمكن أن تزحف بسهولة عبر ثقب إبرة صغيرة. وتشمل الحشرات العملاقة خنفساء جولياث التي تنمو ليصل طولها إلى أكثر من عشرة سنتيمترات، وكذلك على عثّة أطلس التي يبلغ مدى جناحيها نحو 25 سم. ومعنى هذا أن عثّة أطلس أكبر بـ 1,000 مرة ـ تقريبا ـ في الحجم من الخنفساء القزمة شعريّة الأجنحة. وإذا نظرنا للثّدييّات، فإن أكبر الثدييّات الموجودة حجمًا هو الحوت الأزرق، الذي يكبر الزّبابة (أصغر الثدييات حجمًا وهو حيوان يشبه الفأر) بنحو 500 مرة.

وهناك حشرات بكل ألوان الطيف، من بينها بعض الفراشات والعثّات ذات الأنماط اللّونيّة البهيّة الرائعة. وهي من بين أجمل الحيوانات قاطبة. كما يحظى الكثير من أنواع الخنافس بتقدير عالٍ جدًا عند جامعي الحشرات، وذلك بسبب ألوانها المعدنية المتألقة. وهناك كثير من الحشرات ذات ألوان تتمازج تمامًا مع الوسط الموجودة فيه، فمثلاً، تكون ألوان غالبية الخنافس الأرضية إما سوداء أو بنيّة، بينما تماثل ألوان بعض العثّات لون قلف الأشجار.

وللحشرات ـ أيضًا ـ تنوع عجيب في الشكل وتراكيب خاصة جدًا. فبعض الحشرات يشبه العصوات أو أوراق النباتات الخضراء أو الجافة، أو أصداف القواقع، بينما تشبه أنواع أخرى الأشواك أو القصب الجاف أو بُراز الطيور. كما أن للزنابير (ذبابة النّمس) آلة وضع بيض يبلغ طولها 15 سم، يمكن أن تثقب بها أصلب الأخشاب. وقد تحورت آلات وضع البيض في النّحل والزّنابير وبعض أنواع النمل وصارت أدوات لسعٍ سامّة. وتحمل عيون الذباب مُعنَّق العيون على نهايات سوق رقيقة. وللعقارب المائية جهاز شبيه بِشَنَرْكَلِ الغواصة، يمكن أن تدفعه أعلى سطح الماء للحصول على الهواء. ومن التراكيب الخاصة جدّا منقار سوس الجوز الطويل الرّفيع ـ بطول بقية الجسم ـ الذي تستعمله للحفر داخل الجوز، ومنها أيضًا ما لدى الحشرات التي تسبح للخلف بأرجلٍ خلفية طويلة تستعملها كمجاديف. ولبعض خنافس الحنظب فكوك بطول أجسامها وقرون متشعّبة مثل قرون الوعل.

كفاح الحشرات ضد الفناء لقد حققت الحشرات نجاحًا عظيمًا خلال كفاحها من أجل البقاء لأسباب عديدة، ولقد مكنتها من ذلك مقدرتها على المعيشة تحت أقسى الظروف المعيشية على الإطلاق؛ فمثلاً تعيش صغار بعض الحشرات في ينابيع من الزّيت الخام. كما تعيش حشراتٌ أخرى داخل المحاليل الحافظة التي تُستعمل للتحنيط. وتعيش بعض الحشرات في المجاري المائية التي تصل درجة الحرارة فيها إلى درجة التجمد صفر°م، وتعيش أنواع أخرى في الينابيع الساخنة، حيث تصل درجة الحرارة فيها إلى 49°م، وقد تجمّدت بعض الحشرات تجمدًا صلبًا تحت درجة حرارة 18°م تحت الصفر وعاشت. وقد وُضعت بعض الحشرات تحت أقصى درجات الفراغ التي تمكن الإنسان من الحصول عليها فعاشت. وبالرغم من أنّ غالبية الحشرات تتغذى بالنباتات، إلا أن الكثير منها قد تمكن من تعويد نفسه على أكل أيّ شيء تقريبًا.

فهناك أنواع متعددة من الحشرات تتغذى بالأقمشة، وبعضها بالأفيون، وبعضها بجص الخردل، ومنها ما يتغذى بالفلين، وبعضها بالتبغ، وأنواع أخرى بمسحوق تجميل الوجه أو المعجون أو حتى بالفلفل الحار.

وهناك سبب آخر من أسباب نجاح الحشرات الفائق، وهو صغر حجمها الذي يمكنها من العيش في أماكن أصغر مما يستطيع أي حيوان آخر من العيش فيها، فتجد في هذه الأماكن الغذاء والحماية من الأعداء. فبعض هذه الحشرات يعيش بين جدران أوراق النباتات الرقيقة جدًا، كما يعيش بعضها داخل الحبوب، أو حتى داخل بيض الحشرات. وبما أنّ الحشرات صغيرة الحجم فهي تحتاج إلى كميّة أقل من الغذاء، فكسرة صغيرة من الخبز تعتبر وليمة عظيمة للحشرة.

وهيكل الحشرات له دور في الحفاظ على بقائها؛ فهو يوجد في الإطار الخارجي من جسمها، وهو درع قوية جدّا تحمي أعضاء الحشرة الداخلية من الصدمات ومن فقدان الرطوبة.

ولمعظم الحشرات أجنحة أعطتها تفوقًا كبيرًا على معظم أنواع الحيوانات الأخرى، فلقد سهّل الطيران على الحشرات البحث عن الطعام، والهروب من الأعداء، والعثور على الأزواج.

ولكن معظم نجاح الحشرات قد أتى من مقدرتها العالية جدّا على التكاثر. فأغلب الحشرات ذات أعمار قصيرة، فهي تصل إلى مرحلة البلوغ بسرعة، لتتكاثر في أقصر وقتٍ ممكن. وإضافة إلى ذلك، فإن كثيرًا من الحشرات يضع كميّات كبيرة من البيض، وكثير من الأنواع ينتج أجيالاً عديدة خلال الموسم الواحد. ونظرًا لأن الحشرات تتكاثر بسرعة فائقة وبأعداد كبيرة، فبإمكانها أن تتكيف مع تغيرات تحدث في بيئتها، ولولا تلك الخواص لقضت عليها تلك التغيرات البيئية تمامًا. وللحشرات أيضًا طرق خاصة جدًا للتّكاثر، فقد تستطيع إناث بعض الأنواع التناسل دون إخصاب من الذكور، كما تضع ملكة النّحل بعد تزاوجٍ واحدٍ فقط 2,000 بيضة يوميًا طيلة حياتها.
والله اعلم.
الكلمات المفتاحية :
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
من متواجد الآن
96 متواجد (8 في معلومات وبحوث)

عضو: 0
زائر: 96

المزيد
x